في مقالة للباحثة إليونورا أرديماني نشرت في موقع أتلانتيك كآونسل بتاريخ 26 سبتمبر 2025، جرى تحليل أبعاد الاتفاق الدفاعي المفاجئ الذي وقعته السعودية مع باكستان أثناء زيارة رئيس الوزراء شهباز شريف إلى الرياض. الاتفاق الذي حمل اسم "اتفاق الدفاع الاستراتيجي المتبادل" ينص على أن أي اعتداء على أي من الطرفين يعد اعتداء على كليهما، ويشمل جميع الوسائل العسكرية من القوات المسلحة والتعاون النووي إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية. أعلنت إسلام آباد صراحة استعدادها لتوفير برنامجها النووي للرياض إذا لزم الأمر، فيما يتضمن الاتفاق التعاون في الصناعة الدفاعية ونقل التكنولوجيا والإنتاج العسكري المشترك والتدريب وبناء القدرات.

يعزز هذا الاتفاق قدرة الرياض الدفاعية في مواجهة إيران وحلفائها وكذلك إسرائيل، وجاء توقيعه بعد الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على قطر، كرسالة ردع لتل أبيب. ومع ذلك، ترى أرديماني أن الاتفاق ليس وليد اللحظة، بل نتيجة مفاوضات طويلة تسعى الرياض من خلالها لإعادة تشكيل معادلة الأمن في الخليج. الموقف الأمريكي بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر كشف للسعودية أن أمن الخليج لا يمكن الاعتماد فيه على مزود خارجي واحد، خاصة بعدما اكتفى الرئيس دونالد ترامب بتقديم دعم لفظي لقطر والخليج مع تجديد انحيازه إلى إسرائيل.

الاتفاق يندرج أيضًا في سياسة السعودية المتعددة الاتجاهات؛ إذ لا يمثل بديلًا عن الضمانات الأمريكية لكنه مكمل لها. توقيع الرياض اتفاقًا دفاعيًا مع باكستان، الحليفة الوثيقة للصين، يعكس إدراك المملكة لتراجع الردع الأمريكي، وتصاعد المخاطر الإسرائيلية، واستمرار التهديد الإيراني. هذه العوامل دفعت الرياض ودول مجلس التعاون لتعزيز الردع الوطني عبر مسارات متعددة.

من منظور تاريخي، طورت السعودية تعاونها الدفاعي مع باكستان منذ معاهدة الصداقة عام 1951، ثم اتفاق 1982 الذي سمح بوجود قوات باكستانية للتدريب في المملكة بعد الثورة الإيرانية. تمتلك الرياض حوافز اقتصادية كبرى إذ صارت أكبر ممول خارجي لإسلام آباد بأكثر من ستة مليارات دولار، بينما تقدم باكستان ثقلها النووي وقواتها العسكرية الضخمة.

توضح أرديماني أن الاتفاق يمثل أوضح إشارة على تغير العلاقات السعودية–الأمريكية. فالسعودية لا تزال تعتمد على واشنطن كمورد رئيسي للأسلحة وشريك تدريبي وصناعي، لكن ضعف الردع الأمريكي في الخليج منذ صعود الحوثيين في اليمن عام 2015 وحتى هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيّرة بين 2019 و2022، أضعف الثقة السعودية بقدرة واشنطن على حماية أمن المنطقة. هجوم أرامكو في سبتمبر 2019 عزز هذا الشك، واعتبرت الرياض أن أمن الخليج "غير قابل للتجزئة"، ما يعني ضرورة ردع إيران وإسرائيل معًا.

تحاول الرياض أيضًا مواجهة تهديد الحوثيين المتواصل، إذ وقعت تعاونًا بحريًا مع باكستان قبيل إعلان الاتفاق الجديد. وبذلك يخدم الاتفاق ردع الهجمات الموالية لإيران من الخليج إلى البحر الأحمر.

أما على صعيد الهند، فقد يبطئ الاتفاق تطور الشراكة الاقتصادية المتنامية بين نيودلهي والرياض، إذ تبدي الهند حساسية تاريخية تجاه باكستان. لكن السعودية تراهن على قنوات الحوار العسكري والسياسي التي أسستها مع الهند منذ أبريل 2025، وعلى أهمية الاستثمارات الخليجية في مشروع الممر الاقتصادي الهند–الشرق الأوسط–أوروبا. لذلك لم يمنع الاتفاق توقيعه من الاستمرار في تعميق الشراكة مع نيودلهي.

أما إيران، فحاولت احتواء تداعيات الضربة الإسرائيلية لقطر عبر الانفتاح على السعودية، حيث التقى علي لاريجاني ولي العهد محمد بن سلمان مؤخرًا في الرياض. طهران تدرك أنها لا تملك بدائل سوى خفض التوتر مع جيرانها العرب والاستفادة من التماسك الخليجي المتصاعد ضد إسرائيل.

ترى أرديماني أن الاتفاق قد يفتح الباب أمام معاهدات دفاعية أخرى بين الخليج وآسيا، ربما بين الإمارات والهند، أو تفعيل صيغ شبيهة بالتعاون الإماراتي–الفرنسي. هذه الترتيبات تُفهم خليجيًا كتعزيز للأمن الجماعي وليست أدوات للمواجهة داخلية.

بتحويل تحالفها مع باكستان إلى اتفاق دفاعي متبادل، سرعت السعودية وتيرة الاصطفافات الإقليمية والدولية. فهي تسعى إلى ردع إيران وحلفائها وكذلك إسرائيل، وفي الوقت نفسه تعيد صياغة علاقتها الخاصة مع الولايات المتحدة عبر إضافة طبقات جديدة إلى معادلة أمن الخليج.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/the-saudi-pakistan-defense-pact-highlights-the-gulfs-evolving-strategic-calculus/